راهن الأدب الجزائري
عائد من ملتقى الجلفة الأدبي بالجزائر

عائد من ملتقى الجلفة
ليس بوسعك سوى أن تشعر بحرارة التّرحاب و بكرم الضيافة و أنت تقيم في الجلفة… و لن يكون بوسعك سوى أن ترى دقّة التنظيم لملتقى تقيمه الجلفة…لمست كل هذا و أنا هناك و بصراحة لم اشعر بأنني عابر سبيل كما في ملتقيات مماثلة.
تحت شجرة بحجم السّؤال العارف “راهن الأدب الجزائري” كان اللّقاء الأدبيّ… لقاء أصوات رائعة و تجارب كبيرة في الكتابة الشعريّة و القصصيّة و النّقد… الأسئلة الملحّة و الحارقة…أسماء بحجم الأساتذة : سعيد بوطاجين…احمد خياط …محمد الأمين سعيدي …و”العريس المكرّم ” مخلوف عامر … (الذي قدّم الكثير للأدب الجزائري و لخطابه النّقدي تحديدا)…كيف لا يغمرني الفرح و أنا التقي لأول مرة أصواتا أحببتها من بعيد كنصوص جميلة و راقية و أصيلة مثل : عبد القادر مكاريا و محمد الأمين سعيدي.
تركّزت مساءلات الرّاهن الأدبي الجزائري حول أسئلة الشّعريّة و الأدبيّة و الاشتغالات النقديّة و السّيميائية تحديدا … تناولت نموذج المشروع النّقدي لجيرارد جينيت…و مناهج و أدوات دراسة و تحليل الخطاب الأدبي (شعرا و سردا) و إنّها لمتعة كبيرة أن تستمع إلى تلك المداخلات المتخصّصة و العارفة و لو انّه بدا لي أنّ الموضوع اكبر من ملتقى نظرا لتعدّد و تفاوت الأصوات و التّجارب من جهة و لشحّ الممارسات النقديّة الأكاديمية على النصّ الشّعري تحديدا و نزوع اغلب الدّراسات إلى النصّ السّردي…ممّا ترك لدى القارئ المتتبّع علامات استفهام كبيرة.
كانت النقاشات ثرّة و مثريّة (لا يهمّ أن تتوفّر الأجوبة لكلّ التّساؤلات المشروعة بقدر ما يهمّ طرح الأسئلة المناسبة على المنجزين الأدبي و النّقدي) و هذا ما لمسته لكن بنسب متفاوتة حسب مقتضيات يمليها مستوى الرؤية و الوعي و عمق التّجربة.
استمتعت بالإنصات مليّا إلى قراءات شعريّة جميلة لعلي مغازي..مصطفى دحية…الطيّب لسلوس…عبد الكريم قذيفة…عبد الله الهامل …نعيمة نقري…لخضر فلّوس…الشّيخ شعثان…محمّد بن جبّار…و إلى قراءات قصصيّة أيضا لفاطمة بريهوم… عيسى شريّط…و آخرين لم تحضرني أسماؤهم.
على العموم… اللّقاء كان جيّدا من نواح كثيرة…و أهمّها التنظيم المُحكم… سعدت كثيرا لالتفاتة المؤسّسة إلى شخصيّة راقية غذّت بالكثير من العناوين المهمّة مكتبة النّقد الجزائري كالدكتور مخلوف عامر (و هو اختيار موفّق و في غاية النّبل).
إضافة إلى الفعاليات الهامشيّة الرائعة كالنشاطات الفنيّة (المعبّرة عن غنى و ثراء الأغنية النّايليّة) … و إلى معرض الكتاب الذي احتضنته دار الثقافة (الذي كان لفتة جميلة لتقريب الكتاب من القارئ الجلفاوي).
شكرا لكلّ من ساهم في إنجاح هذه الدّورة و على رأسهم مؤسّسات الثّقافة و الكاتب الرائع قلّولي بن ساعد و شايب بلقاسم…و هنيئًا للجلفة بهذه الطّبعة الممتازة.
الجزائر: ميلود خيزار