edwey plenel
Pour les musulmans للكاتب الصحافيّ إيديوي بلينيل

« هناك مشكلة الإسلام في فرنسا »… لقد سمعت ألف مرة هذه اللازمة، التي تضع فرنسا  بلا معترض في حرب ضدّ دين بعينه ، وتؤقلمها مع الأحكام المسبقة، وتعوّدها على اللامبالاة، وباختصار تعوّدها على الأسوأ، ما جعلني أقرّر تأليف هذا الكتاب. بالإضافة إلى إنقاص المثقفين من خطورة خطاب شبيه بذاك الذي، قبل الكارثة الأوروبيّة، كان يؤكّد وجود « مشكلة يهوديّة » في فرنسا، فقد أردت أن أردّ آخذا بكلّ حزم جانب أبناء بلدنا  ذوي الأصول، والثقافة، والعقيدة الإسلاميّة ضدّ من  ينصّبونهم كبش فداء لتوتراتنا وشكوكنا.

  إنّ كتابي يعني من هم في الأعلى، مادام شغف رهاب الأجانب، لا يولد بين عشيّة وضحاها، إنّما يبعث ويحافظ عليه من خسارات أكثر أهميّة، هي  خسائر الفكر، فلاعذر لأولئك من نحو الظروف أو الجوار، والفقر، والمحنة، أمام عماهم، غير المغفور من أساسه. إذ كان الأولى لهم أن ينيروا، ويربّوا، ويرفعوا، عوض أن يحرّضوا، ويثيروا، ويهيّجوا الأعصاب. إنّ من يدّعون المعرفة، ويحتكرون التفكير ويريدون التسيير؛ قد حوّلهم العصر، بتحدّياته وشكوكه، بسبب اِفتقارهم إلى المعرفة والتفكير والسلطة، إلى جهلة، ومعتوهين وخطرين.لأنّه فلم يعد لديهم ما يقترحون سوى شغفٍ قاتل تحت غطاء وسوسة رُهاب الإسلام الذي يخفي شغفهم بعدم المساواة البائس، والتراتبيّة، والميز. إنّه الشغف الكاسح الذي لا يحابي أحدا، مادام يستطيع في النهاية بلا نقاش أن يصفّي، ويفرِّق وينتقي ممّن نقاسمهم الإنسانيّة. إنّه الشغف الرجعيّ والمهدّم الذي يجعل الأمل والتحرّر أطلالا، والذي كان وقوده دائما عدم المساواة.

فقد لزمتنا الكارثة الأوروبيّة لحربين عالميتين بجرائمهما ضدّ الإنسانيّة، حتى ندوّن في المادة1 من مقدّمة الدستور الفرنسيّ- دستور الجمهوريّة الرابعة، الذي أبقت عليه الجمهوريّة الخامسة – والذي مايزال ساري المفعول: » غداة النّصر الذي أحرزته الشعوب الحرّة على الأنظمة التي حاولت اِستعباد واِحتقار الإنسان، فإنّ الشعب الفرنسيّ ينادي مجدّدا بأنّ كلّ إنسان، بلا تمييز عرقيّ، أودينيّ، أو عقَديّ، يملك حقوقا  مقدّسة وغير قابلة للتصرّف. » إنّ هذا الوعد، والحكمة المحصّلة بطريقة مؤلمة، في خطر اليوم داخل هذا التعوّد على البغض، والميز، والإقصاء، والرفض، والعنف،…إلخ  الذي يستقرّ بفرنسا مع تحقير الخطابات والممارسات ضدّ المسلمين.

ذكرت اللّجنة الوطنيّة الاِستشارية لحقوق الإنسان (CNCDH)  سنة 2013 في تقريرها السنويّ عن التمييز العنصريّ، ومعاداة الساميّة، ورهاب الأجانب « جذوةَ عنفٍ ». وكان تصاعد التعصّب ضدّ المسلمين، والقطبيّة ضدّ الإسلام، المعطى الأكثر ثباتا ورسوخا في جذوة العنف هذه. » فـ « لو نقارن ما نعيش اليوم بما حدث قبل الحرب، سنستطيع أن نقول إنّ المسلم اليوم، متبوعا بالمغاربيّ، قد عوّض اليهوديّ في تمثيلات وبناء كبش الفداء » وهذا بلغة علماء الاِجتماع وعلماء السياسية الذين اِلتمست اللّجنة آراءهم. 

عام من بعد هذا، وبالتحديد في 2014، رفعت (ل.و.إ.ح.إ) نفسها مستوى تحذيرها، بملاحظتها عودة « تمييز عنصري وحشيّ، وبيولوجيّ، يجعل من الأجنبيّ  كبش فداء »، وهو تمييز مرفوق بارتفاع قويّ لأعمال عنيفة ضدّ المسلمين. لا صدفة في هذا إن كان التراجع، الثابت من حينها بخسارة اِثنتي عشرة نقطة خلال أربع سنوات، من المؤشر الكلّي  لتسامح المجتمع الفرنسيّ المقاس من اللّجنة، بدأ في2009، وهي سنة النقاش المزعوم حول الهويّة الوطنيّة، وتكريس سنتين مناهضتين للبيداغوجيا الساركوزويّة. فالميز العنصريّ ورهاب الأجانب لا يولدان بين طرفة عين واِنغلاقتها، بل هما نتاج سياسة تترك الحبل على الغارب. فـ »الطريقة التي نتكلّم بها عن المهاجرين والأقليّات، وسرعة الدفاع عنهم، ومقاومة مقترحات رُهاب الأجانب، لعَناصر مهمة لمنع الأفراد من أن يسقطوا في فخّ الأحكام المسبقة »، هذا ما سطّره هذا التقرير السنويّ لـ 2014، محذّرا من تتفيه رُهاب الإسلام ، تحت غطاء الصراع العلمانيّ المُدّعى.

     فـ. ياسمينة بريهوم