رمز الحكاية وتوظيف اللون،،،، طه سبع إنموذجا

بين صياغة الحلم وأوجاع الغربة الممتدة على الجسد واشتعال الروح..وبين  اشتباك الفكرة والالوان .. الفنان التشكيلي  العراقي  طه سبع إنموذجا متفردا ..

فنان يتملك القدرة على أن يؤثر بفنه  على  العين البشرية  ساحباً إياها إلى اشتباك الالوان مع الفكرة من  خلال  رائحة الحياة وطعمها  بين المر والحلو  بمذاق شاعري  حكائي سردي  جديد !  ولانه يمتلك الذائقة الشعرية  بطعم  حركة الفيزياء  والرياضيات  في اعماله  الفنية  باختيار الزوايا  وتنساخها على مساحة  النظر في النص البصري  – السردي   في اللوحة !
نراه  تارة يطلق  عنان البصر في فهم لوحاته  شكلاً ومضموناً .. وتارة يحبسنا  كقصخون في حكاية تاريخية شعبية معروفة , يطوف بنا  عبر تلك الوجوه العربية  وما يحيط بها من ازقة وبيوتات وابواب وشبابيك , نساء  رجال اطفال  اسواق شعبية ! وعيون ترقب ونساء معشوقات مفتونات برائحة الالوان الداكنة  , كحكاية عنترة ابن شداد  على سبيل المثال وليس الحصر  أو  شعراء  وشواعر من التاريخ  مارسن لذة الحب والجمال  على سطوح اللوحات الفنية .
في متابعتي هذه  لاعماله المثيرة التي  اثبتتت لي في  اهتمامي الشخصي على  ان هذه الافكار التي لم ترد في اعمال   فنان تشكيلي مغترب اخر  !  كما رايته في هذه اللوحات  في اعمال الفنان  العراقي طه محمد امين سبع !
ففي كل الاعمال  التي  وقعت عيني على رؤيتها  في معارض عديدة لهذا الفنان  وجدته  ,  قد  تحرر  (بصره ) للنظر  لكل مايحيط به وأخذته  (الفكرة )  ..  انه الايمان  — بالحرية  — التي  حرم منها في وطنه العتيق  الحرية التي جعلته ليؤسس لنفسه مملكة خاصة نقلته  إلى عوالم خاصة به ,  هو سيدها !   كأنت  معه   تلك   الجينات  العراقية  نفسها  بقيت تحفر في مخيلته  عبر ذلك العمق الحضاري العراقي  التراثي  الذي اجتاح مخيلته وذاكرته وما زال عالقا ,  هناك  يمتد على مساحات شاسعة  من الحب والحنين  في جنبات الروح  في اشتعالها والجسد  وغربته والعقل  وتحرر الحرية !
العين المتميزة في البحث الفني للاعمال المختلفة للكبار من الفنانين او الهواة نجدها متفرسة في اختيار مايؤشر اليه باصبع البنان  من حيث الجودة  ومن ثم  تقوم ثقافتها  النقدية على  تفكيك اللوحات وقراءة ادق التفاصيل  من الناحية الجمالية  بين  (القبح والجمال )  بطريقة حيادية، وتفرق جيداً بين ما هو جميل وما هو مشوه للجمال.
ان في تشابك الالوان  والملمس الناعم للفكرة والموضوعة والحكايا  والسرد القصصي  بالالوان  تخلق لنا اشكالا جديدة في حياتنا وتنتج لنا رؤيا جديدة وسط تلك العذابات  .التي عاشها الفنان  طه سبع , منها  عذابات الروح التي انتجت  له  لوحات  تمتد بعمقها  الحضاري الى التاريخ , رسمت وشكلت  ولونت اليوم ,  بخطوات وئيدة نحو عالم حالم  يتمناه ان  يتحقق حيث :
 هو  الذي راى اشياء كثيرة ..
 ثم  وضع امام عينيه  مدينته  التي غادرها منذ اربعة عقود  بغداد   ذلك الحلم الابدي .. التي ظل يحلم به   لهذه اللحظة  حينما سالته عن حلمه الكوني  قالي لي :
احلم ان اكون  راكبا سقالة  تحملني مع فرشاتي  واصباغي  والواني وروحي ممزوجة بهذه الاشياء لالون واصبغ واعيد ترتيب  شناشيل  واعمدة   وجدران شارع الرشيد !!
 

نعم ..  هي امنية ذلك الحلم  الجميل . بغداد  والرشيد . لابنها البار , ذلك المعلم  الفنان  الذي دئب  ايضا هنا في مراكش على  العمل في ورشته  الفنية  المتواضعة -الكبيرة لاطفال  من ذو الحاجة  الخاصة  , وليس لهم اسر  تحميهم !! وايضا  متخلى عنهم . وهو  سعيد جدا بهم  ويعتبر العمل معهم  متعة  فنية  بلذة انسانية  ساحرة  ابوية .. لانهم اطفال وليس لهم ذنب في خلقهم .
طه سبع هذا الفنان التشكيلي  الذي يدرس مادة الفيزياء  عمل معرضة الشخصي الاول في العراق داخل اسوار الوطن  عام 1970 قبل مغادرته له  بسنوات  قليلة .
أما السجن  الحقيقي  الحياتي  البعيد عن رائحة الوطن  .. الذي غادره منذ منتصف السبعينيات  كان هذا قدره بحثا عن الحرية  قدره  إن يعيش بمنطقة محصورة ليست  منطقته  في باديء الامر,  و لايستطيع الخروج منها ,   بسبب  عوامل الغربة المتلاحقة والمتلاطمة  كامواج البحر على راسه !!
  مع هذا كله لبس عبائة الغربة الاخرى التي  من خلالها فتحت له الوان جديدة  وافكار  جديدة تتشابك  داخل مخيلته  التي بدئت  تعزف له اسقاطات جديدة على الواقع المعيش الذي الفه من جديد .
فمن العراق  المنفتح في السبعينيات من القرن المنصرم  الى  المغرب المنطقة المحصورة  التي  لايستطيع مغادرتها  حتى بدء التاقلم  فيها  وخطط  لحياته من جديد  !! وكانت الانطلاقة ان  يساهم في معارض شخصية مختلفة في المملكة المغربية !

“ان العملية الابداعية تقوم على اساس الخيار الحر , والحرية هي من ترفض هذا وتقبل ذلك “.