يشيخون في المنفى – ماجد مطرود – بلجيكا
شقّةٌ صغيرةٌ,في بدايةِ شارع فيكتور دي لا مونتانيه
تابعةٌ لمؤسسة السّكن الأجتماعي , لمقاطعة فلاندرن
ثلاثُ غرفٍ هجرها الأولاد ,
صالةٌ واسعةٌ في أغلبِ أحيانِها موحشة
المطبخُ خلف التواليت ,
أقفُ الآنَ وحيدا أمام شباكهِ الواسع ,
أنظر الى الشّارع الخالي من العابرين
حباتُ المطرِ لم تتوقف,كذلك السيارات ,
محاولات دون جدوى لِأحياءِ ميّت
بعضُ الطاعنين من الرجال والنساء
لا يتخلون في أقسى الضّروف عن ترفيه كلابهم,
وقضاءِ حوائجهم الضرورية جدا خارج المنزل
أنّهم أكثر الناس تعبيرا عن عواطفهم,
قادرون على ممارسة الرأفة بالحيوان,بحرية كاملة
لكنّهم لا يطيقون معانقة طفلٍ مصاب بالزّكام ,
لا يترددون في الشّكِّ بالأسمر الكحلي
التفكير السلبي بالعنصرية,
وغيرها من هواجس المنفى والحنين ,
لا يجدي نفعا
أكثر ما أفكر فيه الان ,هو جسدي ,
هل تبّقى من أعضائي ما يصلح لغيري؟
عشرات المراتِ ذهبتُ الى بلدية المدينة,
لأتبرّعَ بأعضائي بعد موتي
في كلِّ مرةٍ يقولون,
هناك متسعٌ من الوقتِ لديك
ثمَّ يبتسمون
الشِعرُ والتأمل أيّها المهمل,
لا ينسجمان إلّا مع الروح
وروحي سقطتْ مثل شَعري,
تلاشتْ مثل أيّامي
سأحاول أن أسلقَ البطاطا برغبةِ جائع
أسلق البيض أيضا وأهرسهما معاً
ثم أضيفُ بعضَ التوابلِ المملحةِ,
وقليلا من الحليب الناقص الدسم
هذه الوجبة المقدسة بقيمتها ,
الرخيصة بثمنها
تكفيني لأكثر من نصف يوم
علبة المارليبورو الخفيفة البيضاء ,
قنينة العرق التركي تكفيان ليومين كاملين
حياتي تبدو أكثر هدوءا
لكنّها أسرع من المعتاد
لا تقلقني لكنّها تخيفني
أكثر ما يقلقني ويحاصرني
أكثر مايلحّ علي دائما,
صورة صديقي عبد الاخوة التميمي
هل كان خائفا حين مات وحيدا,
مهملاً بشقته في الطابق الثاني,
على شارع لانك نيو سترات رقم 87
مقابل مستشفى المدينة؟
هذا السؤال ينام معي في السرير
ماجد مطرود – بلجيكا