لقاء مع المخرج محمد الزاوي الفائز بالنخلة الذهبية في مهرجان الأسكندرية السينمائي 2015
النخلة الذهبية ، الإسكندرية ، في أول زيارة لك ، كيف وجدتها ؟
بصراحة ، لم أشاهد النخيل الا من خلال زجاج الحافلة لأنني كنت في قفص المهرجان الجميل الذي احتضنه فندق الهيلتون، مع أني كنت شديد الحرص على معرفة المصريين وثقافتهم ، لقد كنا نقضي سهرات طوال مع آلة العود مع شاب مصري لا يتوقف عن العزف الا في ساعة متأخرة من الليل ، وكان يعود بي إلى عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش والأغاني التي عشتها في طفولتي،،، مرة واحدة خرجت الى مدينة الإسكندرية مع ممثل مصري شاب طاف بنا المحلات التجارية حيث كان لابد لي من شراء تماثيل قائمة الرموز الفرعونية لإبنتي ياسمين التي لعبت الدور الثاني في الفيلم كونها مولعة بالتراث الفرعوني.
كجزائري ،كيف استقبلت في مصر ؟؟ ماذا تحس ؟؟
لقد وجدت من خلال لقاءاتي بالمواطنين المصريين ترحيبا كبيرا وسمعت مرات عديدة جملة تتكرر: نورت مصر،،،نورت مصر،،،وهذا ماقاله لي أيضا محافظ الإسكندرية عندما سلم لي الجائزة الأولى ، قال لي : نورت مصر،،،وقد كاشفني الكثير من المصريين الذين التقيتهم بأن الذين كانوا وراء سيناريو كرة القدم بين الجزائر ومصر هم عائلة الرئيس مبارك وابنه جمال خاصة الذي كان يريد الصعود الى الحكم وأنها كانت مؤامرة رخيصة وأن الذين شتموا الجزائر لا يمثلوننا.
من مهرجان وهران الى مهرجان الإسكندرية ، كيف تم استقبال فيلمك آخر الكلام عن الروائي الطاهر وطار ؟
اكتشفت أن الكثير من المصريين الذين جاءوا لمشاهدة فيلمي : آخر الكلام ، اكتشفت أنهم يعرفون الطاهر وطار جيدا وقرؤوا له ويحترمون شخصيته وأعماله الأدبية وللأمانة فلقد جاءني شخص يبدو أنه مسؤول في الأمن المصري حيث كا ن يؤمن المهرجان ، جاءني بعد تسلمي الجائزة وكان مسرورا وفرح كثيرا بأن ينال وطار هذا التكريم ، للأسف هذا التكريم لم يحصل في مهرجان وهران وتمت برمجة الفيلم بصعوبة وبعد تدخل وزير الثقافة عز الدين ميهوبي شخصيا ،،وللأسف نلاحظ أن الحسد والكراهية مازالا قائمان في الجزائر ،، مازالا سائدان في الساحة الثقافية والفنية ومازال بعض المسؤولين يمارس ذلك ،، ومع ذلك فأنا قدمت فيلمي باسم الجزائر ،على الرغم من أنه لم تساهم أية مؤسسة جزائرية في تمويل هذا العمل.
مع ذلك ؟؟؟
لقد تلقيت الجائزة الأولى في سلطنة عمان الخنجر الذهبي عن فيلمي عائد الى مونلوك عام 2013 ولم اتلق حتى اتصالا هاتفيا من أي مسؤول جزائري يرحب بنيلي الجائزة أو يهنؤني ، على الرغم من ان الفيلم يتحدث عن جانب مهم وغير مشتغل عليه في الثورة الجزائرية ،، وفي مهرجان الإسكندرية أيضا لم أتلق أية تهنئة لا من طرف ممثلي السفارة الجزائرية في مصر ولا من من طرف أي مسؤول جزائري ،،لقد سعدت ببعض أفراد الجالية الجزائرية الذين هاتفوني وباركوا لي أو كتبوا على الفايس بوك عن فرحهم بهذا التتويج ،،، لا استطيع أن افهم كيف أن محافظ مهرجان الإسكندرية شخصيا يكتب لي : لقد أضاف وجودكم الكثير من البهجة للمهرجان ولا يكتب لي أي مسؤول جزائري هنيئا لك.
هنيئا لك محمد نيابة عن مئات المعجبين ،،،هههه ،، كنت عضوا في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة أيضا،، كيف تقيم حضورك المهرجان بشكل عام؟
المهرجان فرصة لمشاهدة الكثير من الافلام ، ولقد اظهرت المشاركة الجزائرية والتونسية وجها جميلا للسينما سواء على مستوى الموضوع أو على مستوى التقنية ، المهرجان أظهر أيضا أن هناك أزمة في قطاع الإنتاج السينمائي في مصر ، حيث لم يتلق المصريون سوى تكريمين، في حين حطم الفيلم الجزائري الرقم القياسي في الحصول على الجوائز مما جعل القاعة حزينة وصامتة يوم الإعلان عن النتائج ، المصريون أصيبوا بالدهشة ومن حقهم طبعا . لقد عادت جوائز أحسن فيلم ، وأحسن إخراج وأحسن ممثلة وأحسن سيناريو كلها عادت لفيلم البئر من إخراج الجزائري لطفي بوشوشي.
تقول دائما أنك تنتج بميزانية صفر ، ما معنى ذلك ؟؟
حين أقول انتجت فيلمي بميزانية صفر ، هذا لا يعني أنها فعلا صفر ، هناك أشهر من الجهد والسهر ،،اقول لك لماذا؟ عندما بدأت في تصوير فيلم الطاهر وطار ، الجزء المتعلق بالتصوير في الجزائر وجدت مساعدة واحدة ومن طرف فنان مصور إسمه فاتح سنوسي وضع سيارته وكفاءته تحت تصرفي واشتغل سائقا لي ولم يقبل أي مقابل مادي على الرغم من الحاحي على ذلك في حين حاولت الإتصال بمؤسسات ثقافية طبعا للحصول على مساعدة ،، ذهبت بعفويتي المعتادة لمقابلة مدير مؤسسة كان مرافقا للروائي الطاهر وطار خلال ايامه الأخيرة وقلت ربما يساعدني على تمويل هذا العمل لأنه متعلق بكاتب كبير وجزء من الذاكرة الثقافية ولأن المدير المعني يعرف الكاتب ووو ،ولكن للأسف انتظرت ثلاث ساعات كاملة ورجعت خائبا، ولم أعرف لماذا ، هل الحاجب لم يخبر المدير أم هذا الأخير رفض استقبالي ، خرجت غاضبا ومنذ ذلك الوقت لم أطلب أية مساعدة ، الا أنه ينبغي الأشارة أنه في الأونة الأخيرة عبر السيد عز الدين ميهوبي وزير الثقافة عن استعداده لمساعدتي والتكلف ماديا بترجمة الفيلم الى عدة لغات وأنا في انتظار ذلك.
كيف نفهم أن تتحصل على جوائز دولية في مصر وعمان وكندا والجزائر بدون ميزانية ؟؟؟
الأفلام الجميلة هي الأفلام التي تقدم مواضيع استثنائية مع تملك عال للتقنية وخبرة ناتجة عن الممارسة ، ايضا، الإحساس والشاعرية في الرؤية البصرية لهما دور كبير ، أنت لا يمكن أن تقدم فيلم جميل عن شخص إذا لم تحس ولم تشعر به بشكل كبير ، هذا الشعور سيظهر في الفيلم ، ، أنا صورت وطار في حالته العادية الطبيعية ولم أكن وقتها أفكر في أنجاز فيلم ، رغم أنه بقي عامين في باريس ، وكنت أزوره رفقة الشاعر عمار مرياش بشكل مكثف ، كان بامكاني تصويره في المشتشفى ، في المطاعم ، في المقاهي التي كنا نرتادها، لكن لم افعل ،، هناك لحظات حميمية استطعت أن أسرقها منه كان في وضع هش وهنا أردت تسجيل وطار الإنسان ، كان في ذهني أوصاف كثيره وصفوه بها،،، عموما تستطيع أن تصور بشكل وبأدوات بسيطة الشخصيات التي تريد أن تكون بطلة لقصتك ، يجب فقط أن توافق بين اللحظة ، المكان والموضوع المناسب.
عمليا ، كيف تشتغل ؟؟
من التقليد أن يحرر السيناريو منذ البداية ، تحدد الميزانية ، أدوات العمل والمعالم التي ستستخدم للتصوير ،، أنا أعمل بطريقة مغايرة ، أبدأ في تركيب القصة عندما ابدأ المونتاج ، وحين اقول المونتاج فهذا يعني تقليديا مئة الف دينار جزائري مصاريف في اليوم ، أما بالنسبة الي فأنا لدي كاميرا صغيرة عالية الجودة ، وعندي الكفاءة الكافية لمنتجة الفيلم ، للميكساج ، التلوين وأملك حاسوبا وبرامج الكترونية جيدة لهذا العمل،،، اضف الى ذلك أنني أسهر يوميا الى الرابعة صباحا ، يبقى الموضوع كله كيف تستخدم الكاميرا والزوايا التي تختارها.
للتعليق فقط ، ومصادفة يحدث أنه ، قبل لحظات أعلن وزيرالثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي أن تتويج فيلمين جزائريين في مهرجان الإسكندرية مؤشر لنجاح السينما الجزائرية ،، هل تحب التعليق ؟؟
لأول مرة يصدر وزير للثقافة في الجزائر تصريحا يهنئ فيه الفائزين في مهرجان كهذا في حدود علمي ، لقد سبق لي الحصول على الخنجر الذهبي في سلطنة عمان وجوائز في كندا وفي الجزائر ولم يرفع مسؤول هاتفه لتهنأتي ، هذا السلوك من معالي الوزير هو علامة إيجابية ومتميزة لم تتعود عليها الساحة الثقافية ، أنا سعيد بهذا،، وإذا كان بعض الأصدقاء يقولون أنه عمل فردي فهذا صحيح ، أنا فعلا لم أتلق اية مساعدة لإنجاز أفلامي ، ولكنني أيضا لم أطلب المساعدة ولم أضع ميزانية لتمويل أفلامي.
إنطباعات
اجمل خبر تلقيته اليوم هو ان الصحافي ووالمخرج محمد الزاوي الذي تعاملت معه مع ابني فاتح في مسراحية الثلث الخالي التي نالت اعجاب كل من شاهدها رغم قلة الامكانيات المادية والتشجيع ، واليوم يعترف له بجهوده وإبداعه ويعرف طريق النجاح في مصربحصوله على النخلة الذهبية والخير مزال للقدام .الفنان يبقى فنانا، و محمد الزاوي اشهد له بهذا بكل تواضع وتقدير وأهنؤه مع التحية
جمال تويجين : ممثل
–
حيازة جائزة النخلة الذهبية للفيلم الوثائقي 3 آخر الكلام للسينمائي الجزائري محمد زاوي لم تأت اعتباطا ، كانت ثمرة مجهود مضن لهذا العمل الكبير ، وما تتويجه بهذه الجائزة ألا عربون تقدير وامتنان وتثمين لهذا المنجز العظيم الذي نحت حفريات كاتب كبير وعملاق الحرف في الجزائر والعالم ، الروائي الطاهر وطار ,
وهو يتوج بهذه الجائزة التقديرية في مهرجان السينما بالاسكندرية في طبعته ال31 الا تتويج آخر للقدرات الجزائرية في هذا الحقل
السنيمائي محمد زاوي أهل لهذا التتويج ،أتمنى له من كل أعماق قلبي مزيدا من المكاسب والمنجزات السينمائي
مع موفور التبريكات والتهاني القلبية
أحمد ختاوي : كاتب وإعلامي