ذاكرةٌ هشّة : نصيرة محمدي -بسمة شيخو
كلّ ما تحتاجه في هذه المدينة
لتمحو ندوب الغيّاب
عن أجساد ذاكرتنا الطريّةطوبى لمن خيبوا آمالنا هنا
وجعلونا لا ننسى
فهنا تدفقوا
وهناك نزفوا أشلاء صباحاتهمفي قامات المبهم
أدركوا مجازهمومضوا بعيداً
***
في الحاناتيوزّع النّسيان كؤوسه
على النبيذ الأحمرفيطلّون من شقوق الرّوح
لقد أسروا النّسيان في وهج الظنون
أمعنوا في البياض
وتركونا توقاً للمستحيل***
أمام الباب
حاولت متابعة الطريق
دونهم!!!
رميت قدمي ولم أتحرك؛
الجميع وصل
وأنا هنا وحديأعدّ الأنفاس التي ترتحل عاريةً إلى فجرها
أراقب الماء يصير شفاهاً
تبلل يباس الأيام،
تضيء في هدير العبث وصوت العدم.***
في ذاكرة الطريق
رنين خطواتهم
أعلّقه خلخالاً في قدم حياتي،
ما أطول هذا الصمت
يطبق على عنق الانتباه
ينتظر الصوتَ منذ سهتْ الآلهة،
منذ فرطتْ سُبحتها
ودحرجت حباتها كواكبَ في العراء،
هناك حيث الخوف يتنامى
في صورته الأولى.***
قرب المقبرة
يطلّ وجه الفرح
ينسى حذاءه في الصّعود لكتف الآتي
عينه لم ترَ ما يليق بهذيان الغيم في أجفانها
ولا بحشرجات السماء،
يده لم تشرب من صدى الأغوار خيبتنا الصدئة.***
في هذه المدينةحفيف حيرةً وحرّ غناء
نسمع أصوات الراحلين
وكأنّهم وحدهم
خبروا أنامل الرّيح
وقرعوا أجراس العطش في رؤوسناككنائس كلّ أيامها آحاد.
***
وكأن الراحلين عرفوا
أن هذه المدينة
بجدرانها المشوهة
وحاناتها الصادقة
خجلى من محو قبلة الوداع الأخيرة،من انتظارِ يومٍ لا يحمل وجوههم بين غيومه ….
يعرفون أننا سنبحث عنهم
حول الينابيع
على تخوم الوعد،هناك يخفقون على حافة الكون
كالورد حافلين بالصّحو والرّجف
حاملين سرّهمفي غيمةٍ صغيرة
تمطره…
فتمتد الجبال بسماتٍ خضراءنرتفع بها نحوهم
نخطف قُبلة
ونعود لحضن المدينةبذاكرةٍ هشّة
لا تملك سواهم ….
نصيرة محمدي+ بسمة شيخو